مدرسة ههيا الثانوية بنين

مرحبا بك فى مدرسة ههيا الثانوية بنين ويسعدنا أن تسجل لدينا لكى تقدم وتعرض موضوعاتك ويسعد الجميع بها وشكرَاَ

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مدرسة ههيا الثانوية بنين

مرحبا بك فى مدرسة ههيا الثانوية بنين ويسعدنا أن تسجل لدينا لكى تقدم وتعرض موضوعاتك ويسعد الجميع بها وشكرَاَ

مدرسة ههيا الثانوية بنين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مدرسة ههيا الثانوية بنين

مدرسة ههيا الثانوية بنين من أعرق المدارس فى محافظة الشرقية 1923


    أيهما أولا: الهوية أم النهضة؟!

    Mahmoud Albadry
    Mahmoud Albadry


    عدد المساهمات : 13
    تاريخ التسجيل : 17/01/2011
    العمر : 30

     أيهما أولا: الهوية أم النهضة؟!  Empty أيهما أولا: الهوية أم النهضة؟!

    مُساهمة  Mahmoud Albadry الخميس يناير 27, 2011 2:16 pm

    أيهما أولا: الهوية أم النهضة؟!




    تعليقا على ما نشر في " الشرق الأوسط" يوم الأحد الماضي عن موضوع الهوية والنهضة، اعتقد "جازما" ان التساؤل عن نقطة التركيز، التي يجب ان تتوجه اليها جهود امتنا اليوم.. وهل هي الهوية؟ .. أم النهضة؟.. هو تساؤل يعبر عن اشكالية مغلوطة.. بل ووهمية ايضا.
    ذلك ان كل نهضة من النهضات الحضارية في اية امة من الامم وفي اي عصر من العصور، لا بد ان تكون لها هويتها الخاصة بها والمميزة لها.

    ان الهوية ـ بضم الهاء ـ كما يقول الشريف الجرجاني (740 ـ 816 هـ) في كتابه (التعريفات) هي: "من هو.. هو أن جوهر الشيء ونواته" والسمات والقسمات الجوهرية والثوابت والعامة فيه.

    واذا كانت النهضة هي: التقدم الذي يمثل بالنسبة للأمة اقلاعا حضاريا يتجاوز بها مأزق التخلف الذي تعيش فيه، فإن هذا الاقلاع الحضاري لا بد له من "روح" تجمع الامة وتدفعها الى النهوض، وسمات وقسمات تميز هذا النهوض عن نظائره في النهضات الحضارية للامم الاخرى مع التسليم والتأكيد على وجود "مشترك انساني عام" يجمع النهضات الحضارية لدى امم الانسانية جمعاء.

    واذا كان التشخيص ـ في هذا المقام ـ انما يفيد ما لا يفيد "التجريد" و"التنظير" فإن النهضة الاسلامية الاولى ـ مثلا ـ انما اتخذت من الهوية الاسلامية روحها السارية وسماتها العامة وطاقتها الدافعة، ومعاييرها التي تعرض عليها وتوزن بها كل الوان "الوافد" من مواريث الحضارات الاخرى.

    وهذه الهوية الاسلامية هي التي جعلت العرب المسلمين في انفتاحهم على كل الحضارات القديمة، واحيائهم لمواريثها العلمية، يأخذون من الروم "تدوين الدواوين"، اي المؤسسات دون القانون الروماني، فغدت الدواوين، آليات واوعية للشريعة الاسلامية المتميزة بربانيتها وقيمها عن "نفعية" ودنيوية القانون الروماني.. كما جعلت هؤلاء العرب المسلمين يأخذون عن الاغريق العلوم التجريبية ذات الحقائق والقوانين الثابتة والمحايدة، دون وثنيتهم، بل وحتى آدابهم التي امتلأت ملامحها بالصراعات بين آلهة اليونان.. كما ان هذه الهوية الاسلامية هي التي جعلت النهضة الاسلامية الاولى ابان انفتاحها على المواريث الفارسية تأخذ التنظيمات الادارية، "وضائع كسرى" لتكون آليات لتطبيق فلسفة الاسلام في الاستخلاف بالثروات والاموال، وذلك دون ان تأخذ مذاهب الفرس وديانتهم ونزعتهم القومية.. وكذلك كان الحال في الانفتاح العربي الاسلامي على الحضارة الهندية عندما اخذ المسلمون من الهند "المشترك الانساني العام" في الفلك والحساب، دون الخصوصية والهوية الهندية المتمثلة في ديانات الهند وفلسفتها.

    ولقد سلكت النهضة الاوروبية الحديثة ذات الطريق واعملت ذات القانون عندما انفتحت على الحضارة الاسلامية، فأخذت العلوم التجريبية والمنهج التجريبي دون ان تأخذ الهوية الاسلامية المميزة للحضارة الاسلامية من التوحيد، الى الوسطية، الى الاستخلاف، الى اسلامية القانون، وحتى المفهوم الاسلامي للحرية ولمكانة الانسان في الكون.. وغيرها من ثوابت الهوية الاسلامية. حتى لقد رأينا هذه النهضة الاوروبية الحديثة ابان انفتاحها على الاسلام تميز في الفيلسوف الواحد مثل ابن رشد (520 ـ 595 هـ) بين شروحه على ارسطو (384 ـ 322 ق.م)، فتأخذ هذه الشروح لأنها قسمة من قسمات هويتها الحضارية بينما ترفض في ابن رشد ابداعاته في الفقه وعلم الكلام الممثلة للهوية الاسلامية.. صنعت النهضة الاوروبية الحديثة ذلك، لأنها اتخذت لنهضتها هوية متميزة هي الوضعية العلمانية التي اسقطت اللاهوت النصراني، واستبدلت به كلاسيكيات الاغريق والرومان والفلسفة الوضعية العلمانية لعصر التنوير الغربي.

    فرأينا طليعة رواد هذه النهضة "رفاعة الطهطاوي" (1216 ـ 1290 هـ)، وهو اول عين للشرق مع الغرب الحديث يميز في النهضة الغربية بين حلولها المدنية ـ علوم العمران المادي ـ وبين الهوية الوضعية العلمانية اللادينية لهذه النهضة الاوروبية، حتى لقد صاغ ذلك شعرا قال فيه عن باريس واهلها:

    ايوجد مثل باريس ديار

    شموس العلم فيها لا تغيب؟

    وليل الكفر ليس له صباح

    اما هذا وحقكم عجيب!؟

    ثم يتحدث عن ما في باريس واوروبا من علم مدني يجب ان نتتلمذ عليه، وما لها من هوية وضعية لادينية حل فيها العقل المجرد، محل الله والدين، فحذر من اخذ هذه الهوية مع "العلم المدني"، ودعا الى احياء الهوية الاسلامية التي تزاوج بين العقل والشرع والتي تحيي الفقه الاسلامي بالاجتهاد والتقنين بديلا عن القانون الوضعي.

    يلفت الطهطاوي النظر الى هذه الحقيقة القائلة: ان لكل نهضة هويتها وان التفاعل الحضاري لا يعني اخذ "نموذج الآخر" بكامله فيقول عن باريس واوروبا "ان هذه المدينة كباقي مدن فرنسا وبلاد الافرنج العظيمة، مشحونة بكثير من الفواحش والبدع والضلالات وان كانت من احكم بلاد الدنيا وديار العلوم البرانية ـ علوم التمدن المدني ـ التي تجلب الانس وتزين العمران. ان اكثر اهل هذه المدينة انما له من دين النصرانية الاسم فقط، حيث لا يتبع دينه ولا غيرة له عليه، بل هو من الفرق المحسنة والمقبحة بالعقل وحده او فرقة من الاباحيين الذين يقولون ان كل عمل يأذن فيه العقل صواب، ولذلك فهو لا يصدق الشيء مما في كتب اهل الكتاب، لخروجه عن الامور الطبيعية.. ان كتب الفلسفة بأسرها محشوة بكثير من البدع والحشوات الضلالية المخالفة للكتب السماوية".

    وبعد هذا الحديث عن "الهوية الوضعية اللادينية" للنهضة الاوروبية، يعلن الطهطاوي نقده ونقضه ورفضه لهذه الهوية مزكيا الهوية الاسلامية المؤمنة لمشروعنا النهضوي تلك التي تزاوج بين العقل والشرع فيقول: ان تحسين القوانين الطبيعية لا يعتد به إلا اذا قرر الشارع.. وليس لنا ان نعتمد على ما يحسنه العقل ويقبحه إلا اذا ورد الشرع بتحسينه او تقبيحه.. فكل رياضة لم تكن لسياسة الشرع لا تثمر العاقبة الحسنى.. فينبغي تعليم النفوس السياسة بطرق الشرع لا بطرق العقول المجردة.. وينبغي:

    1 ـ رفع اعلام الشريعة الحنيفة والسنة الشريفة.

    2 ـ ومعرفة سائر المعارف البشرية المدنية، والعلوم الحِكمية العملية التي لها تدخل في تقدم الوطنية.. تلك العلوم التي يظهر الآن انها اجنبية، وهي علوم اسلامية نقلها الاجانب من الكتب العربية.

    هكذا بدأ شرعنا النهضوي منفتحا على "المعارف البشرية المدنية، والعلوم الحِكمية العملية".. ومؤكدا على رفض الهوية الوضعية العلمانية اللاتينية للنهضة الاوروبية، وداعيا الى تأسيس نهضتنا على الهوية الاسلامية الجامعة بين "العقل" و"الشرع"، بين العلم الغربي وبين الشريعة الاسلامية، التي قال عنها الطهطاوي في معرض تزكية الفقه الاسلامي على قانون نابليون الوضعي "ان بحر الشريعة الغراء على تفرع مشارعه لم يغادر من أمهات المسائل صغيرا ولا كبيرا الا احصاها بالسقي والري، ولم تخرج الاحكام السياسية عن المذاهب الشرعية لأنها اصل وجميع مذاهب السياسات عنها بمنزلة الفرع".

    وعندما جاء جمال الدين الافغاني (1254 ـ 1341هـ) رأيناه يلح على ضرورة جعل الدين الاسلامي روح النهضة وهويتها.. وينتقد ما يسمى الآن "بالتحديث على النمط الغربي" فيقول: "يا معشر المسلمين اذا لم يؤسس نهوضنا وتمدننا على قواعد ديننا وقرآننا فلا خير لنا فيه، ولا يمكن التخلص من وصمة انحطاطنا وتأخرنا إلا عن هذا الطريق، وان ما نراه اليوم من حالة ظاهرة حسنة فينا (من حيث الرقي والاخذ بأسباب التمدن) هو عين التقهقر والانحطاط لأننا في تمدننا هذا نقلد الامم الاوروبية وهو تقليد يجرنا بطبيعته الى الاعجاب بالاجانب والاستكانة لهم والرضا بسلطانهم علينا، وبذلك تتحول صبغة الاسلام التي من شأنها رفع راية السلطة والغلب الى صبغة خمول وضعة واستئناس لحكم الاجنبي.. ان المقلدين للتمدن الغربي انما يمثلون فينا منافذ لتطرق الاعداء الى بلادنا وطلائع الجيوش الغالبين وارباب الغارات يمهدون لهم السبيل ويفتحون لهم الابواب ثم يثبتون اقدامهم.. ان الدين هو قوام الامم وبه فلاحها وبه سر سعادتها وعليه مدارها وهو السبب الفرد لسعادة الانسان ولقد بدأ الخلل والهبوط في تاريخنا من طرح اصول الدين ونبذها ظهريا.. والعلاج انما يكون برجوع الامة الى قواعد دينها والاخذ بأحكامه على ما كان في بدايته.. ومن طلب اصلاح الامة بوسيلة سوى هذه فقد ركب بها شططا ولن يزيدها الا نحسا ولن يكسبها الا تعسا".

    وعلى نفس الطريق، طريق تأسيس النهضة على الهوية الاسلامية، سار الامام محمد عبده (1265 ـ 1323هـ) فانتقد المدنية الغربية "مدنية الذهب والفضة" و"الفخفخة والبهرج" و"الختل والنفاق" التي جعلت حاكمها الاعلى "الجنيه والليرا" وتتنكب طريق الانجيل.

    وبعد نقد الهوية المادية اللادينية للحضارة الغربية، دعا محمد عبده الى تأسيس نهضتنا واصلاحنا على الهوية الاسلامية، فقال: "ان سبيل الدين لمريد الاصلاح في المسلمين، سبيل لا مندوحة عنها. فنفوس الناس قد اشربت الانقياد الى الدين حتى صار طبعا فيها، فكل من طلب اصلاحها من غير طريق الدين فقد بذر بذرا غير صالح للتربة التي اودعه فيها. فلا ينبت ويضيع تعبه، ويخفق سعيه، واكبر شاهد على ذلك ما شوهد من اثر التربية التي يسمونها ادبية من عهد محمد علي الى اليوم.. فإن المأخوذين بها لم يزدادوا الا فسادا ـ وان قيل ان لهم شيئا من المعلومات ـ فما لم تكن معارفهم وآدابهم مبنية على اصول دينهم فلا اثر لها في نفوسهم.. واذا كان الدين كافلا بتهذيب الاخلاق وصلاح الاعمال، وحمل النفوس على طلب السعادة من ابوابها، ولأهله من الثقة فيه ما ليس لهم في غيره، هو حاضر لديهم، والعناء في ارجاعهم اليه اخف من احداث ما لا المام لهم به، فلم العدول عنه الى غيره"؟!

    ثم توالى التأكيد على هذه الحقيقة في كل المشاريع الفكرية لرواد النهضة الاسلامية فكتب عبد الله النديم (1216 ـ 1313هـ): "ان الدين هو مرجع المجد، واصل الشرف، واقوى دعائم العمران والسبب الوحيد في المدنية وتوسيع العمران، وليس هناك حبل متين تقاد به الامم غير الدين وحفظه هو الجامعة الحافظة لكل مقومات الانتماء".

    فكان الاجماع على ضرورة تأسيس النهضة على الهوية الاسلامية لأنها روح النهضة، والطاقة المحركة للامة نحو النهوض.

    وتحدث طه حسين عن ان "العقل الشرقي هو عقل يوناني مرده الى حضارة اليونان وما فيها من أدب وفلسفة وفن، والى حضارة الرومان وما فيها من سياسة وفقه، والى المسيحية وما فيها من دعوة الى الخير والاحسان، وان القرآن لم يغير من يونانية العقل الشرقي: كما ان الانجيل لم يغير من الطابع اليوناني للعقل الاوروبي، لأن القرآن ليس اكثر من متمم ومصدق لما في الانجيل (!!) واذا كان الاسلام قد تقبل الحضارة اليونانية فلم لا يتقبل الحضارة الاوروبية"؟!

    هكذا كانت صورة النهضة عند طه حسين غربية تماما، ان في الهوية الروح والمرتكز، او في مظاهر التمدن والاصلاح، فلم يكن هناك فصل بين الهوية وبين النهضة، او مفاضلة بينهما، وانما كانت الاستعارة لهما معا من النموذج الغربي.. بل لقد ذهب طه حسين في صراحته الى حد الاعتراف بأن هذا الطريق النهضوي الذي دعا اليه انما هو "الزام" غربي لنا وليس "اختيارا حرا" منا لهذا الطريق، فقال: "لقد التزمنا امام اوروبا بموجب المعاهدات ان نذهب مذهبها في الحكم ونسير سيرتها في الادارة ونسلك طريقها في التشريع". ولقد سار على هذا الطريق كل رواد التغريب ـ باعتدال حينا وفجاجة حينا آخر ـ كما سار على الطريق الاول كل رواد النهضة الاسلامية ـ بعمق حينا وسطحية حينا آخر ـ فاقترنت الهوية دائما بالنهضة، وتأسست المشاريع النهضوية كلها على الهوية، لأن الهوية كانت دائما وابدا ـ في نهضتها الاسلامية الاولى وفي النهضة الاوروبية الحديثة ـ هي روح النهضة، والمرتكز الاول الذي يمثل تميز الحضارات حتى لكأنها "البصمة" الثقافية، التي يحقق وجودها التعددية الحضارية في "منتدى العالمية" الذي يجمع مختلف الامم والشعوب.

    فالمفاضلة ليست ـ إذاً ـ بين الهوية والنهضة.. وانما هي بين هوية وهوية.. وهي ـ في حالتنا ـ مفاضلة بين هويتنا الاسلامية وبين الهوية الوضعية العلمانية الغربية.. ذلك هو الوضع الحقيقي للنهضة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 11:08 pm